سورة النحل - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


قوله عزوجل: {ولله غيب السموات والأرض} يحتمل خمسة أوجه:
أحدها: ولله علم غيب السموات والأرض، لأنه المنفرد به دون خلقه.
الثاني: أن المراد بالغيب إيجاد المعدومات وإعدام الموجودات.
الثالث: يعني فعل ما كان وما يكون، وأما الكائن في الحال فمعلوم.
الرابع: أن غيب السماء الجزاء بالثواب العقاب. وغيب الأرض القضاء بالأرزاق والآجال.
{وما أمْرُ الساعة إلاَّ كلمح البصر أو هو أقرب} لأنه بمنزلة قوله: {كن فيكون} وإنما سماها ساعة لأنها جزء من يوم القيامة وأجزاء اليوم ساعاته. وذكر الكلبي ومقاتل: أن غيب السموات هو قيام الساعة.
قال مقاتل: وسبب نزولها أن كفار قريش سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قيام الساعة استهزاء بها، فأنزل الله تعالى هذه الآية.


قوله عز وجل: {والله جعل لكم مما خلق ظلالاً} فيه وجهان:
أحدهما: البيوت، قاله الكلبي.
الثاني: الشجر، قاله قتادة.
{وجعل لكم من الجبال أكناناً} الأكنان: جمع كِنّ وهو الموضع الذي يستكن فيه، وفيه وجهان:
أحدهما أنه ظل الجبال.
الثاني: أنه ما فيها من غار أو شَرَف.
{وجعل لكم سرابيل تقيكم الحرّ} يعني ثياب القطن والكتان والصوف.
{وسرابيل تقيكم بأسكم} يعني الدروع التي تقي البأس، وهي الحرب.
قال الزجاج: كل ما لبس من قميص ودروع فهو سربال.
فإن قيل: فكيف قال: {وجعل لكم من الجبال أكناناً} ولم يذكر السهل وقال {تقكيم الحر} ولم يذكر البرد؟
فعن ذلك ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن القوم كانوا أصحاب جبال ولم يكونوا أصحاب سهل، وكانوا أهل حر ولم يكونوا أهل برد، فذكر لهم نعمه عليه مما هو مختص بهم، قاله عطاء.
الثاني: أنه اكتفى بذكر احدهما عن ذكر الآخر، إذ كان معلوماً أن من اتخذ من الجبال أكناناً اتخذ من السهل، واسرابيل التي تقي الحر تقي البرد، قاله الفراء، ومثله قول الشاعر:
وما أدري إذا يممتُ أرضاً *** أريد الخير أيهما يليني.
فكنى عن الشر ولم يذكره لأنه مدلول عليه.
الثالث: أنه ذكر الجبال لأنه قدم ذكر السهل بقوله تعالى: {والله جعل لكم من بيوتكم سكناً} وذكر الحرَّ دون البرد تحذيراً من حر جهنم وتوقياً لاستحقاقها بالكف عن المعاصي.
{كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} أي تؤمنون بالله إذا عرفتم نعمه عليكم. وقرأ ابن عباس {لعلكم تسلمون} بفتح التاء أي تسلمون من الضرر، فاحتمل أن يكون عنى ضرر الحر والبرد واحتمل أن يكون ضرر القتال والقتل، واحتمل أن يريد ضرر العذاب في الآخرة إن اعتبرتم وآمنتم.
قوله عز وجل: {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه عنى النبي صلى الله عليه وسلم يعرفون نبوته ثم ينكرونها ويكذبونه، قاله السدي.
الثاني: أنهم يعرفون منا عدد الله تعالى عليهم في هذه السورة من النعم وأنها من عند الله وينكرونها بقولهم أنهم ورثوا ذلك عن آبائهم، قاله مجاهد.
الثالث: أن انكارها أن يقول الرجل: لولا فلان ما كان كذا وكذا ولولا فلانٌ ما أصبت كذا، قاله عون بن عبد الله.
الرابع: أن معرفتهم بالنعمة إقرارهم بأن الله رزقهم، وإنكارهم قولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا.
الخامس: يعرفون نعمة الله بتقلبهم فيها، وينكرونها بترك الشكر عليها.
ويحتمل سادساً: يعرفونها في الشدة، وينكرونها في الرخاء.
ويحتمل سابعاً يعرفونها بأقوالهم، وينكرونها بأفعالهم. قال الكلبي: هذه السورة تسمى سورة النعم، لما ذكر الله فيها من كثرة نعمه على خلقه.
{وأكثرهم الكفارون} فيه وجهان:
أحدهما: معناه وجميعهم كافرون، فعبر عن الجميع بالأكثر، وهذا معنى قول الحسن.
الثاني: أنه قال {وأكثرهم الكافرون} لأن فيهم من جرى عليه حكم الكفر تبعاً لغيره كالصبيان والمجانين، فتوجه الذكر إلى المكلفين.


قوله عز وجل: {وألقوا إلى الله يومئذ السلم} يحتمل وجهين:
أحدهما: استسلامهم لعذابه، وخضوعهم لعزه.
الثاني: إقرارهم بما كانوا ينكرون من طاعته.
{وضَلَّ عنهم ما كانوا يفترون} يحتمل وجهين:
أحدهما: وبطل ما كانوا يأملون.
الثاني: خذلهم ما كانوا به يستنصرون.
قوله عز وجل: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زِدناهُم عذاباً فوق العذاب} فيه وجهان:
أحدهما: أن الزيادة هي عذاب الدنيا مع ما يستحق من عذاب الآخرة.
الثاني: أن أحد العذابين على كفرهم، والعذاب الآخر على صدهم عن سبيل الله ومنعهم لغيرهم من الإيمان.
{بما كانوا يفسدون} في الدنيا بالمعاصي.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12